دمشق – قحطان صليبي:
يصفه المقربون منه على المستوى الشخصي بأنه إنسان بسيط ويعشق كل ماهو بسيط مثله ويشبهه، خضرمه الفرات بلونه الأخضر الندي فانعكس ذلك على كتاباته التي جمع بها بين الحداثة والأصالة ، يكتب الشعر بجميع أصنافه الشعبي والفصيح إلى جانب بعض المقالات المتنوعة بالمواقع والصحف ، ينظر للأدب على أنه هواية وبمجرد أنه يمتهن تسقط قيمته وتلغى رسالته .. الشاعر عبد الكريم العفيدلي كان لنا معه هذه المساحة الحوارية :
– أين أنت من الإعلام ؟
=أنا أكتب لغاية الكتابة ، ولايهمني إن كنت مشهورا أما لا فهذا لايعنيني كثيرا ….والظهور الإعلامي إن لم يكن لدي جديد أظهر به ليصل للناس لا طائل منه ، على العكس تماما قد أستهلك نفسي بتكرار الظهور بمعنى آخر لدي حالة تقنين بالظهور الإعلامي .
– كتبت القصيدة ولم تكتب الأغنية .. مالسبب وراء ذلك ؟
=أنا بدأت الكتابة كشاعر قصيدة ، ولم أبدأ كشاعر أغنية فشاعر القصيدة من الصعب أن ينزل لكتابة الأغاني ..
علما أن كثيرا من قصائدي تصلح للغناء وخاصة المكتوبة باللون الفراتي ، وقد كتبت مصارع متعددة مثلا بالمولية وهي لون غنائي .. إنما لا أسعى بنفسي واعرض قصائدي على المطربين فالجميل يفرض نفسه على الذائقة.
-مارأيك بظاهرة ” السوراقية ” في الشعر الشعبي ؟
=جاءت من محاولة البعض تأسيس مدرسة حداثية للشعر الشعبي السوري بنكهة عراقية منهم من نجح ومنهم من وقع بفخ التقليد للعراقيين وأصبح لديه أزمة هوية شعرية .
علما أني من أوائل الذين أطلقوا هذه التسمية على هذا اللون من الشعر .. لكني لم أكتبه خشية الانجراف بعيدا عن هويتي الشعرية .
-لكنك تكتب الشعر النبطي ، فهل ننتمي جغرافيا لخارطته ؟
=بالطبع ، فنحن قبائل عربية والقصيدة النبطية حفظت أيامنا وتاريخنا ولاتزال متداولة في الداووين وجلساتنا الخاصة والعامة .
وبادية الشام كانت منهلا لهذا الشعر وأشهر شعراء القصيدة النبطية حديثا وقديمة لو بحثت عنهم لوجدت أنهم من الشام ، فالحفاظ على هذه القصيدة من باب الحفاظ على الموروث .
-تمتاز قصائدك بنقد حاد لظواهر مجتمعية ، ماغايتك من وراء ذلك ؟
=الشاعر ضمير الأمة ، ويقول أحد المفكرين : ” إن ماتت أمة يحييها شاعر وإن مات شاعر لاتحييه أمة ” ..
وفي التاريخ الحديث للأمة العربية وتحديدا في عصر اليقظة العربية كان للشعراء دور بارز في الصحوة .
فالشعر أنا أؤمن به رسالة إصلاح وتهذيب للمجتمع ، فعندما أرى بعض الظواهر التي تخالف عاداتنا وتقاليدنا وتربيتنا لابد من انتقادها والقصيدة لها وقع بليغ بالنفوس .وأرى ذلك من مسؤولياتي المباشرة .
– ما أصعب ماتواجهه في إيصال قصيدتك ؟
=محدودية التفكير لدى البعض ، فالعقول ليست متساوية فكثيرا ماأتعرض لمواقف يطلب مني تفسير قصيدة ما أوبعض أبياتها فأتجاهل لإعتقادي أن الشاعر غير مطلوب منه تفسير مايكتب .
وأنا غالبا ما أوجه شعري للعموم ، وحتى إن كانت هناك حادثة خاصة وراء كتابة قصيدة فإني أعطيها صبغة عامة .
-مواقع التواصل الاجتماعي ، بماذا خدمت الشعر برأيك ؟
= قد تكون أظهرت مواهب جميلة وأوصلتها لنا ، إنما ضربت الذائقة فلم تعد هناك لذة للقصائد المطولة والمتوسطة ،وحتى بالتفاعل لاتجد الذي يشعرك بقيمة ماتكتب الا من النادر ، والفوضى الحاصلة بالتواصل الإجتماعي أرهقت كاهل الثقافة والأدب . .
كنا نرسل القصيدة للمجلات وننتظر شهورا كي تنشر وقد لاتنشر إن لم تستحق النشر ، اليوم بكبسة زر تنشر ماتريد دون حسيب أو رقيب … فلذلك لا أجدها قدمت شيئا مفيدا بالمعنى الحقيقي .
– بعد انقطاع لسنوات عن الأمسيات ، وصلنا أنك تعد لأمسية قريبة بالجزيرة ؟
=تحت إلحاح عدد من الأحبة والأخوة ربما ستكون لي أمسية قريبة في الربيع ، إنما ابتعادي عن الأمسيات قد يكون لحالة الإحباط التي نعيشها والواقع المتردي في منطقتنا العربية لدرجة أننا بتنا نشعر أن الإمسيات والندوات من باب الترف ، لكن استطيع القول بأن القادم أجمل .. وستكون هناك حركة ثقافية نشطة بجهود الإعلام الوطني والجهات الخاصة والعامة المهتمة بالشأن الثقافي .. نتأمل خيرا
=للمرأة والوطن حضور دائم في قصائدك ؟
-هناك من يقول أن المرأة نصف المجتمع ، وبما أنها تربي النصف الآخر فهي المجتمع .. بل هي الوطن ومن منا لا يحب الوطن ، فلذلك من الطبيعي أن تكون حاضرة في قصائدي والشاعر الملتزم ليس لديه قضية أسمى من الوطن .
فانا أحب وطني .. ولابد لهذا الحب أن ينعكس في قصائدي وكتاباتي .
=قصيدة تهديها للقارىء ؟
قصيدة نبطية أهديها للسيدة الأولى ” أم الوطن .. سيدة الياسمين ” هذه الإنسانة العظيمة التي أثبتت للعالم أن المرأة العربية قادرة على صناعة المعجزات وصياغة النصر … على مدى السنوات الماضية كنا نراها في كل ميدان مع الجريح وعائلة الشهيد واليتيم والمريض .. صارعت السرطان وانتصرت عليه ….وراء كل عظيم إمرأة .. مقولة خالدة جسدتها بكل إيمان وصدق .. فلها منا كل المحبة والتقدير
” أم الوطن ”
قريت تاريخ الأمم والحضارات
من وقتنا الحاضر إلى الجاهلية
وبحثت بأخبار النساء العظيمات
لآخر سطر في ذمة الأبجدية
ماشفت مثل أم الوطن بالملمات
إلا “نساء البيت” يوم الحّمية
تجمعن فيها الخصال النبيلات
وأرفع مقامات الأرواح السَنية
ماتشبه إلا الشام أفق وسموات
ومن ياسمين أطباعها الآدمية
“السيدة “هي رابع المستحيلات
فيها اختصار السيرة الملحمية
منها ” تعلمنا ” نروم الطويلات
بالعلم ..والإخلاص ..والغايرية
ومنها ” تعلمنا ” نصون الكرامات
وإن “الوطن” ناموسنا والقضية
بالصبر هزمت داء ماله علاجات
و ربي جعل بأخلاقها صيدلية
بوثبة التطوير قطعت مسافات
وبالعزم والإصرار والمقدرية
رغم الظروف عيونها للمظلات
حطت وطنا فوق هام الثريه
وقفت مع القائد تصوغ البطولات
واتشمْرت للهجمة البربرية
لين استقرت سوريا عقب هزات
وظلت نبض للأمة اليعربية
من طيبها حازت رفيع الشهادات
طلت علينا مثل عيدالضحية
بكفوفها كفت دموعٍ غزيرات
وابن الشهيد أعطت له الأولية
لاجيت ابحصي ماتوفى بالأبيات
كل الفخر بالبصمة العالمية
للسيدة الأولى نزف التحيات
وللقائد الملهم جنود و رعية
-كلمة أخيرة ؟
=أتمنى أن يعم السلام بالعالم وببلدي الحبيب سوريا وأن تستعيد دورها الريادي والحضاري بين الأمم ، ولكم كل الحب والإحترام .
Discussion about this post