نبيه البرجي
اذ يدعونا صندوق النقد الدولي في كلامه الأخير الى تعليق المشانق، نتساءل من منا لا يستحق ذلك؟ من ساقنا الى أروقة الجحيم أو من تواطأ سياسياً وطائفياً واخلاقياً مع أنصاف الآلهة؟ أقل من أن يكونوا أنصاف البشر…
ونحن نصغي الى شخصية عربية تقيم في لندن، وهو يحدثنا عن النظرة الانكليزية الى المشهد اللبناني، والمشهد الاقليمي، نستذكر نهاد المشنوق المتواري عن الأنظار، لنسأله عن رأي الأجهزة البريطانية التي يتردد أنها تتوقع تطورات دراماتيكية في الشرق الأوسط.
هل حقاً، وتبعاً لما تقوله الشخصية، أن البريطانيين هم من نصحوا الأميركيين بالانسحاب التدريجي من المنطقة، التي تحولت الى عبء استراتيجي عليهم؟
الانكليز يسخرون من الفرنسيين، وهم “يحترقون” داخل المتاهة اللبنانية. يصفونهم بالسذاجة الديبلوماسية، لأنهم لم يدركوا أن الطبقة السياسية في لبنان تتعامل معهم كلاعبين من الدرجة الثانية أو الثالثة. الانكليز أنفسهم الذين طالما عبثوا بالخرائط فقدوا أي دور لهم في المنطقة…
الدور الآن للسعوديين كما للايرانيين. المعلومات (الانكليزية) تؤكد أنهم يتعاملون، بمنتهى الجدية مع المبادرة الصينية، كنقطة انطلاق لتعاون بعيد المدى. لا تستبعدوا أن تروا السفير وليد البخاري في الضاحية الجنوبية.
لكن الانكليز ينصحون “عيونكم على اسرائيل” التي في حالة احتقان قاتل. الثلاثي بنيامين نتنياهو ـ ايتامار بن غفير ـ بتسلئيل سموتريتش، على بيّنة من “الأزمة الأميركية”. الثلاثي يعتقد أن “اسرائيل” وحدها باستطاعتها الحد من تداعيات هذه الأزمة على المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة. كيف؟ بالتفجير العسكري.
اخراج أميركا من الأزمة أم اخراج “اسرائيل” من الأزمة ؟ البنتاغون قال كلمته. الانتقال من الشرق الأوسط الى الشرق الأقصى. هناك حلبة الصراع ليس فقط حول قيادة العالم، بل وحول الدور الأميركي في العالم، ما دام من المستحيل ادارة القرن بسياسات وحيد القرن.
الصينيون، بالأعصاب التي كأنها فعلاً أعصاب التنين، يعتبرون أن السور الذي يقيمه الأميركيون حول بلادهم هو سور من ورق. سوء في التقدير أم في الرؤية ؟ ماوتسي تونغ كان يصف الأمبراطورية الأميركية بكونها “نمراً من الورق”، قبل أن يستقبل ريتشارد نيكسون كما لو أنه هبط للتو من السماء. ولكن خذوا علماً بأن زمن شي جين بينغ هو غير زمن ماوتسي تونغ. التنين استيقظ تكنولوجياً…
التسونامي الأميركي الى الباسيفيك. هكذا يتم نقل الطائرات المقاتلة الحديثة من امرة الجنرال مايكل كوريلا الى امرة الجنرال كينيث ويلسباك، لتحل محلها طائرات “A ـ 10″ التي أحيل العدد الأكبر منها الى المخازن، في حين يركز البنتاغون جهوده على تفعيل حلف “أوكوس” المستحدث، والذي يضم كلاً من الولايات المتحدة واوستراليا وبريطانيا ذات الخبرة التاريخية في استراتيجية البحار.
هذا ما يدفع “الاسرائيليين” اكثر فأكثر نحو الهلع، والى الحد الذي يحمل صحيفة “يديعوت أحرونوت” على التساؤل ما اذا كان السبب الخفي للأزمة في “اسرائيل” الأزمة الأميركية في المنطقة. أركان السلطة الآن يفكرون بالطريقة التي تحول دون الأميركيين والرحيل. لنتصور “اسرائيل” من دون أميركا…
على النار ضربة صاعقة لايران. لكن الأجواء العربية ستكون مقفلة أمام القاذفات “الاسرائيلية”. الايرانيون سيجتاحون اذربيجان اذا انطلقت هذه القاذفات منها. لهذا طلب يوآف غالانت من واشنطن طائرات “بوينغ KC ـ 46 A ” لتزويد قاذفاتها بالوقود، وهي في الطريق الى ايران. غير أن تسليم الدفعة الأولى لن يتم قبل العام المقبل، ربما بعد أن يصبح بنيامين نتنياهو وراء القضبان.
ما تعكسه وسائل الاعلام الأميركية يظهر مدى التباين بين “تل أبيب” وواشنطن التي لن تجازف بشن غارات سيبرانية على مراكز القيادة، كما على شبكات الرادار في ايران، تمهيداً للضربة “الاسرائيلية”، ما قد يهدد وجودها في المنطقة. على كل الجيش “الاسرائيلي” بات جزءاً من الأزمة الداخلية، أي من… الانفجار!
لا يد لدوروثي شيا، ولا للآن غريو، في انتخاب رئيس للجمهورية. المسألة لم تعد بعد الاتفاق السعودي ـ الايراني ورقة للمساومة. دون أن نشيح بأنظارنا عن “اسرائيل”، نتابع ما يجري بين الرياض وطهران في الظل: “خذوا علماً بأن مفاتيح قصر بعبدا باتت في قصر اليمامة”…!
Discussion about this post