نبيه البرجي
«اما أن يبقى بنيامين نتنياهو أو أن تبقى اسرائيل» . «هل من دولة مثلنا من دون دستور، ومن دون هوية «.
«بقاؤنا هكذا يعني أننا دولة آيلة الى الزوال، ما يعني أن نظرية حسن نصرالله حلت محل نظرية تيودور هرتزل» !
أقوال ترددت على الشاشات، وفي التظاهرات، التي تعكس مدى التيه في اسرائيل. عمانوئيل تراختنبرغ، مدير معهد أبحاث الأمن القومي، تساءل ما ذا «كنا أتينا من الدياسبورا (الشتات) الى الدياسبورا الأخرى، ولكن بذلك البعد التراجيدي المروع: أن تكون، كيهودي، لا يهودياً في أرض الميعاد …»
لم يعد السؤال «هل يبقى نتنياهو ؟»، بل «هل تبقى اسرائيل؟» قطعاً، لم يكن يوآف غالانت، كجنرال متطرف، يعكس آراءه الشخصية حين دعا الى تعليق مشروع الاصلاح القضائي، وهو المشروع الذي قالت «هاآرتس» انه»ينقلنا من الديمقراطية الى الديكتاتورية». شلومو صاند، سبق وقال «كيف لدولة تحكمها الايديولوجيا ولا تكون توتاليتارية ؟».
الجنرالات الذي ترعرعوا على الثقافة التوراتية، وعلى الثقافة الاسبارطية (وحيث لا حدود لجاذبية القوة) يعتبرون أن السير وراء ايتامير بن غفير، وبسلئيل سموتريتش، الذين يجران نتنياهو، يعني انفجار الدولة من الداخل ..
تراختنبرغ حذّر من أن السياسات الراهنة تعني «أننا في الطريق الى استعادة تجربة الدولتين، مملكة اسرائيل ومملكة يهودا» اللتين نشأتا عقب وفاة سليمان (عام 920 قبل الميلاد)، وخاضتا حروباً أدت الى زوال المملكتين. اللافت قوله «أننا جعلنا من المستوطنات في الضفة «القنبلة التي في الخاصرة»، كونها ملجأ لأصحاب الرؤوس المسننة .
غرنيكا يهودية، وان اكتفى البعض بوصف الحالة بـ «الهولوكوست السياسي» كلياً موت الثقة بين الحكومة والمعارضة التي ترى في نتنياهو «المراوغ البشع « الذي اذ «يتقن الرقص حيناً فوق الدماء، وحيناً فوق الوحول، مستعد لتفجير الدولة كي لا يساق الى ما وراء القضبان» .
من هنا قول يائير لابيد أنه، بارجائه البحث في مشروع الاصلاح القضائي، يعدّ لمؤامرة خطيرة. ربما الأكثر اثارة اتهام يعض أركان الائتلاف الحكومي الولايات المتحدة بتمويل الاحتجاجات. سموتريتش «لسنا صناعة، أو صنيعة، أميركية. نحن صناعة، وصنيعة، الهية» !
وزير الخارجية ايلي كوهين يهدد «لن نسمح باندلاع الحرب الأهلية» رئيس الأركان هرتسي هاليفي يحذّر من العصيان داخل المؤسسة العسكرية. هذا ما يثير هلع اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة. اليوت أبرامز يعتبر أن «الجيش هو اسرائيل.» تفككه يعني تفكك الدولة ملاحظاً أن اقالة وزير الدفاع لآراء أدلى بها «خطيئة مميتة»، وتشكل سابقة بتداعيات كارثية على المدى القريب والبعيد .
ما يحدث ليس نتاج أزمة كحلقة أخرى من سلسلة الأزمات التي لكأنها شكلت «المسار الفلسفي للدولة». الشعارات التي ترفع، ومن مئات آلاف المتظاهرين الذي يمثلون مختلف النخب، والقوى، أكانت حول الدستور، أو حول الهوية، وحول «حدود القوة»، تؤكد أن الدولة العبرية أمام مأزق، أو أمام مفترق، وجودي .
جو بايدن لا يتصور أن اسرائيل في الطريق الى الحرب الأهلية، وان كان يتمنى لو يضع نتنياهو على الكرسي الكهربائي. متى كان للرئيس الأميركي أن يقرأ الأرض؟
المعارضون باقون في الشوارع، وكما قالوا، لا لحين سقوط المشروع القضائي، وانما لحين سقوط حكومة نتياهو التي تتجه الى تشكيل «الحرس الوطني» بادارة بن غفير، كوزير للأمن القومي. 5000 جندي و 300 شرطي في البداية. ميلشيا ضاربة بامرة رجل أدين من محكمة اسرائيلية بالارهاب. ضد المعارضة (والعرب بطبيعة الحال) أم ضد المؤسسة العسكرية ؟
ماذا بعد نتنياهو ؟ يائير لابيد يثير الآن مسألة الدستور والهوية. لم يتطرق الى ذلك حين كان رئيساً للحكومة، لا بل أنه امتنع عن البحث في تحديث «القوانين الأساس» التي اعتمدت منذ عام 1948 كبديل عن الدستور الذي رفض دافيد بن غوريون صياغته لتعارضه مع النصوص التوراتية، ان في ما يتعلق بالحدود الجغرافية، أو في ما يتعلق بالهوية .
ألا تعني أزمة هوية أزمة دولة ؟ لنسأل عالم السياسة الفرنسي موريس دوفرجي . « لا دولة من دون هوية» !
Discussion about this post