نبيه البرجي
حتى ان برنار ـ هنري ليفي، فيلسوف الكراهية، يقلقه “المأزق الوجودي” في “اسرائيل”. هذا ما يجعلنا في حال من التأهب بانتظار ما يمكن أن يفعله الجنون في ذلك العقل الاسبارطي… المأزق السياسي والمأزق العسكري، وحتى المأزق الايديولوجي. حين كانت هيلاري كلينتون وزيرة للخارجية (2009 ـ 2013 )، دعت القيادة “الاسرائيلية” الى اعادة النظر في سياساتها حيال المحيط، والتي ترتكز على ديمومة التفوق العسكري!
كلينتون لاحظت أن تكنولوجيا الصواريخ، وقد باتت في كل الأيدي، لا بد أن تحدث وفي غضون عشر سنوات، انقلاباً دراماتيكيا في المفاهيم الكلاسيكية للقوة. البديل احلال ثقافة التعاون محل ثقافة الصراع.
آنذاك كاد صقور “الايباك”، ناهيك عن صقور “الهيكل”، يمزقونها بأسنانهم. أحد “الحاخامات” استعاد نصاً توراتياً للدعوة الى تعريتها ورجمها، أو “بالنار تحرق”. ما كان عليها سوى أن تعتذر أمام الملأ، ولولا اصرار باراك أوباما على بقائها في منصبها لاستقالت في الحال.
الآن، باتت الصواريخ الهاجس اليومي لسائر “الاسرائيليين”. عاموس يادلين، الرئيس السابق للاستخبارات العسكرية، والذي يوصف بـ “الجنرال المتعدد الأدمغة”، بالنظر للشهادات العالية التي يحملها، تساءل ما اذا كانت “دولتنا قد تحولت الى مقبرة مع وقف التنفيذ”…
لوحظ ذلك، في المواقف والتعليقات التي واكبت ما قيل حول تسلل شخص مجهول من لبنان الى العمق “الاسرائيلي” ليزرع قنبلة في العراء (هل وصلت السذاجة “الاسرائيلية” الى هذا الحد؟)
كان واضحاً الارتباك في تسخين الخط الأزرق. ما يستدل مما كتب وقيل، أن الاجتماعات التي عقدت بين القيادتين السياسية والعسكرية خلصت الى التريث، والى ضبط الأعصاب بانتظار ما يكون.
بحسب ما ألمحت اليه مواقع “اسرائيلية” وأميركية، أن وزير الدفاع يوآف غالانت اقترح مفاجأة حزب الله بمئات الغارات على مواقعه السياسية والعسكرية المفترضة، لكن رئيس الاستخبارات العسكرية الجنرال أهارون حاليفا عارض هذا الاقتراح، معتبراً أن العناصر التكتيكية السابقة للمفاجآت العسكرية قد سقطت، ليس فقط لأن حزب االله لا تحكمه الآليات البيروقراطية للدولة، بل لأنه موجود في الخنادق، وصواريخه جاهزة للانطلاق خلال ثوان…
من يفهم تركيبة أهل اليمين في “اسرائيل”، يدرك أنهم لن يتوقفوا عن البحث في البدائل. ولكن ألا يقال انه حتى العمليات الاستخباراتية الحساسة ، قد لا تأتي بردات فعل تفجيرية في لبنان، وقد بات نسخة عن جهنم…
بطريقة تبعث على الذهول، يتحدث أركان منظمة “جي ـ ستريت”، اللوبي اليهودي الأميركي النقيض “للايباك”، عن “التراجيديا الاسرائيلية”. ما الحل لـ “حالة الاختناق السياسي والعسكري” التي تعاني منها الدولة العبرية!
أحد المواقع التابعة للمنظمة نقل عن جنرال أميركي سابق قوله، ان الايرانيين ينفذون برنامجاً بالغ التعقيد لصناعة أنواع مختلفة من المسيّرات التي لا بد أن تنتقل، بطريقة أو بأخرى، الى حزب الله.
هذا ما يؤثر على نحو خطر في أداء سلاح الجو “الاسرائيلي”، وهو الأساس في أي عملية عسكرية، حتى ان “الحاخامات” تحدثوا ابان حرب 1967، عن “الطيور النحاسية التي بعث بها يهوه لبني اسرائيل في مواجهة ياجوج وماجوج”…
الصواريخ من جهة، والمسيّرات من جهة أخرى. لطالما فكّر بنيامين نتنياهو (وعرض على الأميركيين ضرب “الرأس”، أي ايران). لكن كلاً من وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، ورئيس هيئة الأركان الجنرال مارك ميلي، حذّرا لدى زيارة “تل أبيب”، من أن ضرب ايران ستكون مفاعيله محدودة جدا، يعني أن القنبلة النووية ستكون خلال أيام بين يدي آية الله خامنئي…
ما أمام “اسرائيل” سوى “تفريغ “جنونها في التنكيل بالفلسطينيين، تمهيداً لترحيلهم، استكمالاً (توراتياً) للدولة اليهودية.
ولكن ألا تزعزع الأيدي العارية التي يواجه بها الفلسطينيون، وهم أهل الأرض، الأرمادا العسكرية الوجود “الاسرائيلي” أكثر من أي وسيلة أخرى؟
Discussion about this post