أنقرة- “رأي اليوم”- محمود عبد القاد
ملاحظتان يمكن ببساطة رصدهما في العاصمة التركية أنقرة ووسط اذرعها ومؤسساتها الاعلامية والبرلمانية ولا يمكن بنفس الوقت اسقاطهما من حسابات التحليل المتعلق بالتجهيز الجدي ما بين أنقرة ودمشق للقاء على مستوى القمة بين الرئيسين رجب طيب أردوغان والسوري بشار الأسد وهو لقاء أصبح الحديث الاهم مع انه لم يتقرر بعد في صالونات واوساط انقرة واسطنبول وفي اروقة الكتلة البرلمانية التابعة لحزب العدالة الحاكم في تركيا مع ان الظروف السياسية واللوجستية والاهم الامنية تنضج في هذا السياق.
داخل أروقة الكتلة البرلمانية للحزب الحاكم في انقرة انطباع بأن تسويق أي لقاء تطبيعي على مستوى الزعماء بين سوريا وتركيا يمكن أن يتسلل تحت عنوان اقناع الجانب السوري بضرورة العمل ثنائيا واقليميا ودوليا بعد الان على اعادة ما يمكن من اللاجئين السوريين العالقين على الحدود بين الجانبين تحت عنوان اعادة توطينهم وهو عنوان سبق ان حاولت الحكومة الاردنية ومعها اللبنانية الاستثمار فيه لكنهما فشلتا.
بكل حال بوضوح الاشارة الاولى بمعالم ملموسة وتشير الى ان الجهاز الاستشاري المقرب من القصر الجمهوري التركي يعمل بنشاط على الاقل لاقناع الفرقاء المتحالفين مع اللاجئين السوريين وتحديدا في حزب العدالة الحاكم بانه ان الاوان للاعلاء من قيمة المصالح التركية الاقليمية والدولية والاستجابة للضغط الروسي الذي يعمل بنشاط خلف الستارة والكواليس على ازالة الخلافات في محور انقرة دمشق.
وذلك عبر التركيز على برامج اعادة تاهيل اللاجئين و اعادة توطينهم وهو الشعار الذي يستخدم الان لانتاج حالة ايجابية داخل انصار اللجوء السوري و المناصرون للاجئين في الحزب الحاكم وفي اوساط البرلمان التركي.
تلك مسألة واضحة الملامح اليوم ولا يمكن الا رصدها وبالمقابل تبرز اشارة اخرى عبر انتاج المزيد من مواد الاعلام والصحافة التي تم تحاول تهيئة الراي العام التركي الى لقاء قمة يثير الجدل قبل العقاده بين الرئيسين أردوغان والأسد وهو لقاء وصف مصدر برلماني تركي الحديث عنه بأنه ينطوي في هذه المرحلة على مبالغات درامية الى حد ما.
وأغلب الظن أن القياده السورية لا تظهر نفس الدرجة من الحماس الذي تظهره نظيرتها التركية لتطبيع سريع بهذا المعنى للعلاقات بين الجانبين وحسب المصدر البرلماني التركي نفسه فإن دمشق متأنية جدا بينما انقرة متحمسة لاغلاق ملف الخلافات والبدء في تدشين برنامج تحت عنوان الاتفاق على أمن الحدود اولا.
وثانيا البدء باعداد صياغات تحت عنوان اعادة توطين اللاجئين السوريين في وطنهم بمعنى وضع بروتوكول ثنائي أمنيا ودبلوماسيا يسمح بعودة ما نسبته نحو 250 الف سوري على الاقل في المرحلة اللاحقة او في غضون العامين المقبلين وتلك كانت محصلة لتشغيل الخط الهاتفي بدعم روسي عبر الألو التي يتولاها الوسيط الروسي عن بعد.
لكن تلك الإشارات تزيد في أجهزة ووسائل الإعلام التركية المنشغلة تماما الآن بلقاء مفترض قد يتم ترتيبه لاحقا وبضغط روسي بين الزعيمين في البلدين الجارين.
انشغال الاعلام التركي بهذا الامر واضح الملامح و نخبة البرلمان التركي بدات تنشط في اتجاه الحديث عن اهمية وضرورة اعادة توطين بعض ما يمكن توطينه من اللاجئين السوريين في تركيا وتستفيد هذه المبادرات بغلافها السياسي من الحملة الداخلية لدى الراي العام التركي المعادية للوجود السوري والتي وصلت في بعض محافظات ومدن الاطراف التركية و في اسطنبول واحيانا في انقرة الى مستويات غير مسبوقة من العداء ينتج عنها احداث من الاعتداء الامني وذلك من المبررات التي يمكن ان تستخدم هنا لاعادة انتاج المشهد بحيث يصبح الحديث عن توطين او اعادة توطين بلدهم هو الرافعة التي تحمل معها عملية تنسيق امنية وسياسية بين الجانبين.
ومن هنا حصرا يمكن تلمس انعكاسات انشغالات وسائل الاعلام بهذا الامر فوكالة رويترز للانباء تحدثت نقلا عن لقاء جمع هاكان فيدان المسؤول الامني التركي الرفيع بعلي مملوك المسؤول الامني الارفع في النظام السوري.
هذا اللقاء إن كان قد حصل فعلا رغم عدم وجود تأكيدات رسمية حكومية في البلدين هو خطوة تمهيدية للقاءات اكثر عمقا وارفع تمثيلا مستقبل وهو التعبير الذي استخدمته وكالة رويترز للأنباء في اشارة الى لقاء بدأ يشغل الرأي العام التركي وإن كان لا يزال مفترضا بعنوان أردوغان والرئيس الأسد وخلافا لذلك يمكن التقاط نفس الاشارة مما نشرته صحيفة حريت التركية صباح الجمعة حيث نقلت عن الرئيس التركي بعد اجتماع مغلق مع الكتلة البرلمانية التعبير عن استعداده لمصافحة الاسد والتحدث معه لو شارك في قمة اقليمية مجاورة قريبا ستعقد خلال الساعات القليلة المقبلة وهي المرة الأولى التي يعلن فيها الرئيس التركي علنا وسط الجمهور عن رغبته بلقاء الأسد.
Discussion about this post