الرقة – سجى الموسى
تحدث الشاعر عبدالكريم العفيدلي عن المولية وهي من أهم الألوان الغنائية التراثية في محافظة الرقة ،بل على مستوى الفرات والجزيرة .
ولاتكاد تخلو المضافات من المناظرات بها شعراً وغناءً ، وللذة التي يمتاز بها شعر المولية تجده على شفاه الكهل والشاب والمرأة والطفل الصغير .. حتى أن بعض الحفلات يُشترط على المغني أن لايأتي بغير المولية وعلى الدف حصراً ،ومثلما أبدع مطربون كثر في غناءها فقد أبدع شعراء كثر في كتابتها ودونوا من خلال أبياتها قصصهم وأخبارهم ، ومنهم الأديب” د. عبدالسلام العجيلي ” وهذا مالا يعلمه الكثيرين عنه وله أبيات طريفة في المولية مشهورة عند أبناء الرقة .. وقد ذكرها العجيلي نفسه للباحث” محمد الحومد” وقد أوردها في كتابه ” شعراء المولية في القرن العشرين ” ،وتعود هذه الأبيات للعام “١٩٤٣ ” أثناء دراسته للطب بجامعة دمشق ،كان يعمل موظفا في أحد مراكز الحبوب بالرقة وحصل له موقف ما فقال :
(أكتب وادزْ بالورق للمركز الغربي
أشكي لكم يا رَبع من تَجرة الحَبِّ
من بعد دَرْس العلم بالشَّامْ والطبِّ
صرنا بمركز “حَوَسْ” كتَّاب ميريَّه
……………………………………
صرنا بـ”سوس” و”غَرَبْ” بعد البساتينِ
مـاكول خبزه العربْ ملكَوك بالطيـنِ
وفـــراشنا “شَلْ” تبن، بعد البطاطينِ
علـى “الهرَسْ” السّمر وتكَول “جرجيّه”
………………………………………….
“عَذَّال” يندهْ مَدَدْ، وينك يا عمي “حسين”
عالدَّرب جَتْ تْهَدرْ سيــارة “الكبتين”
عَلْواهْ بمـركز “حَوَس” يبكَـالنا سنتين
نملـي جيوبنا ورق ليـرات سوريـة
……………………………………….
اللـي يريد الكرم يكَعد بـ”الخسوسِ”
عـالمشترين “الدِّكَلْ” من “أبو طْنُوسِ”
إن عز عليك اللَّحم تلكَاه بـ”السـوسِ”
تلكَى “الأراول” بحر، ياما “البريصيَّـة”)
وفي لقاء جمعني بالأخ الدكتور “حازم عبدالسلام العجيلي ” أخبرني أن والده كتب بهذا اللون كثير إنما لم يهتم بجمعه بديوان كان أكثره موقفي وارتجالي وضمن إطار ادب البيئة المتداول في منطقتنا وأكثره يتسم بطابع الخصوصية، واستذكر الدكتور حازم بيت مشهور مغنى قال هذا البيت لوالدي :
(الميم مَسني الهوى وأثر على چبودي
جثير مثلي ابتلى لكن انا بزودي
ماگلت لك ياخوي خذن علي رودي
النسا. كلهن خبث من دوور الأميّة)
ويذكر الدكتور حازم عن والده : كان والدي لايتابع التلفاز ولايجلس قبالته ولكن إذا سمع “جبار عكار ” يجلس وينصت بتأثر… وخصوصاً عندما يقول :
“انا الظليت مثل الجمل اصرج على نابي
من كثر حملي انا اتوجه على اجنابي
مجروح تحت الضلع خزن ولا طابي
الخ……. ”
وكان يستحضر هذه الأبيات في مواقف عديدة وعندما ينسى شيئا منها يطلب من جلساءه تذكره.
وكانت ربابة هذا المطرب الشعبي تفعل به الأفاعيل بمجرد أن يسمعها تنهمر دموعه ويشجيه تلاعبه عليها .
ويضيف الدكتور حازم : لقد كتب والدي كثير من الأبيات الساخرة المحظورة من النشر لخصوصية مناسباتها، ولشدة حبه للأدب الشعبي كان يحتفظ بديوان عبدالله الفاضل في العتابا وقد حقق هذا الديوان وبخط يده وضع تعديلاً على كل بيت فيه! .
-ومن وجهة نظر شخصية باعتقادي أن السبب الرئيسي في عدم اكتراث العجيلي بجمع ماقاله في المولية أو الشعر الشعبي عموما ،إن قصائده في هذا المجال غالبا ماتكون خاصة بالأشخاص والمواقف وهذا ما جعلها حبيسة الإدراج ولم ينتشر منها إلا ماحفظه بعض المهتمين بهذا المجال .
Discussion about this post