أخبار سوريا والعالم – عبد السميع حافظ – مكتب حلب
لقد كثُرَت في الآونة الأخيرة حالات التسوّل والتشرّد في الشوارع ، والأمر الذي يثير الجدل هو أن المتسوّلين من جميع فئات المجتمع والأغلبية منهم من فئة الأطفال الذين لا تتجاوز أعمارهم الخامسة عشر ، هؤلاء الأحداث الذين لا ناقةَ لهم ولا جمل في حربٍ قد فاضت دروب بلدهم وجارَت على واقعهم وقسَت على حياتهم، فالحياة كالإيمان ليست بالتمنّي بل بالحقائق والغايةُ لا تُدرك بالرجاء بل بالسعي.
فظاهرةُ التسوّل لم تعد مثل سابقتها ولا مثل اعتياد الناس على أخذها بالمنظور الاجتماعي ذاته، بل أصبحت اليوم شاغلاً يومياً ووظيفياً تُوزّع فيه المهام على الأطفال والشبان وحتى النساء ، ومن خلال تغطيات فريق أخبار سوريا والعالم تمّ لفت النظر إلى مثل ذلك الموضوع الذي يتطلب حاجة ملحّة وجللاً ضرورياً للمعالجة.
فأبو رائد الرجل الأربعيني الذي التقى معه الموقع في إحدى الطرق بيّن بحديثه على أن هؤلاء المُشرّدين ليسوا مخيّرين بعملهم وتسوّلهم بل أن هناك أشخاص مسؤولون عنهم يديرونهم كما يحلو لهم، وقد أصبحوا في هذه الأيام وبحلول العشر الأواخر من رمضان يجبرونهم على اللجوء إلى المحال التجارية وطَرقِ أبواب المنازل بحجّة طلب المساعدة وقضاء حوائجهم الملحّة باقتراب العيد ، وأن أغلبية الناس قد أصبحوا اليوم يميّزون بين المحتاج الحقيقي وبين مَن يعمل لحسابِ طرفٍ آخر وبين من يتَصنّع تلك الوسيلة ويأخذ منها عمله دون مجهودٍ يُقاس أو رأسِ مال يُدفع.
وبدوره سامر صاحب إحدى البقاليات أوضح بأنه في كل صباح من كل يوم تنتشر سيارات من نوع “سوزوكي” وما يشبهها مما يسمى “موتور ثلاث دواليب” ويتم توزيع الشباب والنساء والفتيان في العديد من الشوارع، مُقسَّمِين على مجموعات يحملُ كل فرد فيهم من كل مجموعة أكياس الخيش والمعدات ويبدأوا بالتجوال والانتشار على أوسع نطاق لجلب مايُحمل من الأشياء ومالا يُحمل وعندما يقارب الغروب تعود تلك الناقلات وتأخذهم من مكان تجمّعهم وفي بعض الأحيان يبقى القلّة منهم حتى المساء.
أمّا أمّ حسن التي أكدت ما قالته جارتها هناء عن دخول إحدى النساء ومعها فتى يبلغ من العمر العاشرة إلى إحدى الشقق المدَمَّرة في بنايتهم التي ليس فيها سوى الخراب ، فعند إلقاء النظر من قبلهم تبيّن بأن المرأة والفتى يقومون بجمع الكرتون وأكبال الكهرباء المُقطعة هنا وهناك وقُطع الحديد والبلور الموزّعة في أرجاء المنزل، وعند إقدامهم على السؤال لهم أجابوا بأنهم محتاجون ولا يملكون ما يعيشون به ، وعلى سبيل سياق الحديث توجّهت هناء بكلماتها بأنها رأت ذاتَ يومٍ من شرفة منزلها الفتى ذاته وهو يخبئ في ملابسه عبوة يملؤها بمادة وكأنها بنزين أو شعلة ويقوم باستنشاقها بعمقٍ يصل فيها مرحلة الإدمان.
وفي المطاف الأخير التقى الفريق إحداهم والذي كان منهم الفتى مراد الذي أجاب بكلامه البسيط المليء بالتعب والممزوج بالحزن قائلاً (ليش ما شفتونا بمسلسل “على صفيحٍ ساخن”؟) وبعد محاولات التحدث العديدة لم يكن ليتجرأ على البوح بأي شيء آخر مع علامات خوف قد بانت على وجهه ووجه من معه.
Discussion about this post