برزت قضية المتطوعين الأجانب وجلب مقاتلين من مناطق مختلفة من العالم للقتال في أوكرانيا، وباتت محل قبول وتشجيع من قبل الطرفين في مؤشر الى تحول الحرب في أوكرانيا الى مزيد من التعقيد وساحة نزاع وحرب طويلة الاجل، ومتعددة الأوجه، مع ما يحمله هذا التحول من مخاطر انتشار تأثيرات المخاطر والصراع خارج الحدود ومن الدول التي يأتي منها المقاتلين الأجانب، وحيث يصبح المقاتلون مشكلة بحد ذاتها في محاولات انهاء النزاع.
وفي الوقت الذي اشتكى فيه الرئيس الاوكراني فولديمير زيلنسكي اليوم في تصريحاته من اعلان روسيا الموافقة على قبول متطوعين أجانب للقتال في صفها قائلا ان “روسيا تعمل على نشر مرتزقة في أوكرانيا من بلدان ساهمت هي في تدميرها” نسي انه هو من بدء هذه اللعبة الخطرة في بلاده. في إعلانه اول أيام الحرب الشهر الماضي عن قبوله تشكيل فيلق دولي من متطوعين أجانب للقتال في صفه ضد القوات الروسية. واطلق دعوة علنية لمن يود القتال من انحاء العالم ضد روسيا في أوكرانيا، ليس هذا فحسب بل دعمت الولايات المتحدة ودول أوروبية هذا الاتجاه وهذه الدعوة.
وأعلنت بريطانيا والدنمارك أنهما ستجيزان للمتطوعين من بلادهما الانضمام إلى “فيلق دولي” للقتال الى جانب الجيش الاوكراني ضد الجيش الروسي.
وقالت صحيفة “ديلي ميل” البريطانية وقتها إن 60 متطوعاً بريطانياً سيسافرون إلى أوكرانيا للقتال ضد الجيش الروسي، وكشفت “ديلي ميل” في ذات الوقت عن عبور أجانب إلى أوكرانيا لحمل السلاح والقتال ضد الجيش الروسي.
وأفادت تقارير أن ”16000 متطوع أجنبي على الأقل لبوا نداء زيلنسكي لقتال الروس في أوكرانيا.
وشرعت سفارات كييف بعدد من عواصم العالم، في استقبال طلبات الراغبين بالتطوع لغرض القتال بشكل علني وحماسه منقطعة النظير. وفق تلك الحقائق المعروفة والمعلنة يكون الرئيس زيلنسكي وحلفاؤه الغربيين هم من ادخلوا الحرب في أوكرانيا أولا بلعبة جلب المقاتلين الأجانب. وفي الوقت عينه يعتبرون اعلان موسكو اليوم دعوة مقاتلين في صفها عملا خطيرا.
وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اليوم إنه يريد السماح للمتطوعين بالقتال إلى جانب قوات الانفصاليين في منطقة دونباس الانفصالية (إقليما لوهانسك ودونيتسك) ضد القوات الأوكرانية، مضيفا خلال ترأسه اليوم اجتماع لمجلس الأمن القومي الروسي “نحن نرى كيف يتوجه المرتزقة من مختلف مناطق العالم للقتال في أوكرانيا بشكل علني”.
وصرح وزير الدفاع الروسي سيرجي شويغو بأن هناك 16 ألف متطوع في الشرق الأوسط مستعدون للقتال مع قوات الانفصاليين المدعومين من موسكو، والذين يسيطرون على مساحات واسعة في منطقتي لوهانسك ودونيتسك.
واراد الكرملين من خلال الدخول المماثل في لعبة جلب المقاتلين الأجانب الى وضع الدول التي بدأت اللعبة لاهداف بعيدة الأمد تتمثل في جعل أوكرانيا افغانستان ثانية وتدفيع الجيش الروسي الثمن بعملية استنزاف مستمرة. ارادت روسيا فعل ذات الشيء بوضع المقاتلين الأجانب المعادين للغرب على حدود أوروبا، وافشال اهداف نشر هذا النوع من المقاتلين التابعين للناتو في أوكرانيا. واحباط خطة الناتو في تطبيق السيناريو الذي تعرضت له القوات الامريكية في العراق بعد غزوه عام ٢٠٠٣، حينها دخلوا بغداد، ولكن وقعوا في مستنقع المقاومة العراقية الذي استنزف وجودهم واضطرهم الى المغادرة في نهاية المطاف محملين بخسائر مادية وبشرية فادحة.
لعبة نقل المقاتلين الأجانب الى بؤر الصراع، لعبة دولية مستمرة رغم مخاطرها على الدول والمجتمعات، خاصة الدول العربية والإسلامية ومناطق الشرق الأوسط الخزان الرئيس للمقاتلين العابرين للحدود.
من زمن الوجود السوفييتي في أفغانستان، الى قرار تدمير سورية واسقاط النظام فيها، الى النزاع في ليبيا وتحويلها الى دولة فاشلة، وصولا الى ناغورني كرباخ. فاي مآلات لهذه السياسية الدولية الخاطئة في أوكرانيا اليوم.
رأي اليوم
Discussion about this post