تناول تقرير نشره موقع “Responsible Statecraft” التقارب السعودي-العماني الذي تجلى بزيارة سلطان عمان، هيثم بن طارق، التاريخية إلى السعودية، بدعوة من الملك سلمان بن عبد العزيز، الشهر الفائت. وفي ضوء التحولات التي تشهدها المنطقة، عدّد الموقع العوامل التي تقف وراء التقارب بين البلديْن الخليجيْين بالاستقرار الإقليمي والخلاف بين المملكة العربية السعودية والإمارات والحادة المشتركة إلى التنمية الاقتصادية.
ويقول التقرير إنّ أسباباً جيوسياسية وأمنية واقتصادية مختلفة قادت السعوديين إلى اختيار خوض محادثات مع الإيرانيين في بغداد والسعي إلى التقارب مع قطر وخفض التوترات في العلاقات مع تركيا والتواصل بحذر مع الحكومة السورية، معتبراً أنّ السياسة الخارجية السعودية تأخذ منحى أكثر براغماتية.
وفي قراءته للعلاقات السعودية-العمانية، يربط التقرير بين التوترات التي تصاعدت بين البلديْن إلى علاقة العمل بين مسقط وإيران والسلوك السعودي في مناطق محددة في اليمن (لا سيما المهرة المحاذية للحدود اليمنية-العمانية) ومخاوف سلطنة عمان في أيام عهد السلطان قابوس بن سعيد الأخيرة من تدخل الرياض في الخلافة وغيرها من المسائل.
وفي هذا السياق، يعود التقرير إلى زيارة بن طارق مؤكداً أنّها مهمة بالنسبة إلى العلاقات الثنائية، ومشدداً على أنّها ستعزز العلاقات بين البلديْن أكثر في حقبة ما بعد السلطان قابوس. ويتطرّق التقرير الى الاتفاقات المختلفة التي وقعها البلدان خلال الزيارة، مسلطاً الضوء على افتتاح المملكة والسلطنة طريقاً برياً يمتد على طول 805 كيلومترات تقريباً ويربط بين ولاية عبري العمانية ومحافظة الأحساء السعودية. ويوضح التقرير أنّ هذا الطريق السريع الصحراوي يربط البلديْن ببعضهما البعض بشكل أكبر ما من شأنه أن يرفع مستويات التجارية السعودية-العمانية، بحيث سينتفي الاعتماد على طريق أطول بكثير تمر عبر الإمارات. وإذ يذكّر التقرير بخلاف السعودية والإمارات ضمن تحالف “أوبك”، يعلّق بالقول إنّ الرياض تعتبر عملية تحسين العلاقات مع الدول الخليجية، لا سيما عمان وقطر، بأنّها مبشرة بالخير بالنسبة إلى المصالح السعودية
إلى ذلك، يرى التقرير أنّ النزاع اليمني يقف بشكل أساسي وراء رغبة الرياض في تعزيز العلاقات مع مسقط وتجاوز خلافات الأعوام السابقة، لافتاً إلى أنّ المملكة باتت ترى أنّ طريق السلام في اليمن تمر عبر عمان. ويوضح التقرير أنّ مسقط أثبتت أنّها الدولية الخليجية الوحيدة القادرة على الاضطلاع بدور مثمر يربط بين الحوثيين وإيران من جهة ودول مجلس التعاون الخليجي والدول الغربية من جهة ثانية.
اقتصادياً، يتحدّث التقرير عن مواجهة البلديْن مجموعة من المشاكل المشتركة على مستوى تنويع الاقتصاد قبل نفاد النفط، مبيناً أنّ الرياض ومسقط تدركان أهمية بناء قطاع خاص نشط واقتصاد قائم على المعرفة لاستقرار الخليج على المدى البعيد.
وبعد مغادرة بن طارق السعودية، أصدرت الرياض ومسقط بياناً مشتركاً أشار إلى التوقيع على مذكرة تفاهم حول تأسيس مجلس تنسيق عُماني-سعودي لتعزيز علاقاتهما، والاتفاق على “توجيه الجهات المعنية للإسراع في افتتاح الطريق البري المباشر والمنفذ الحدودي الذي سيُسهم في سلاسة تنقّل مواطني البلدين وتكامل سلاسل الإمداد في سبيل تحقيق التكامل الاقتصادي المنشود بين البلديْن الشقيقيْن”.
وأكدت الدولتان عزمهما على “رفع وتيرة التعاون الاقتصادي بين البلدين من خلال تحفيز القطاعيْن الحكومي والخاص للوصول إلى تبادلات تجارية واستثمارية نوعية تحقّق طموحات الشعبيْن وتساهم في تحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030 ورؤية عُمان 2040، وعبر إطلاق مجموعة من المبادرات المشتركة والتي تشمل مجالات تعاون رئيسية منها الاستثمارات في منطقة الدقم، والتعاون في مجال الطاقة، بالإضافة إلى الشراكة في مجال الأمن الغذائي، والتعاون في الأنشطة الثقافية والرياضية والسياحية المختلفة”.
ترجمة فاطمة معطي
Discussion about this post